سورة إبراهيم - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (إبراهيم)


        


{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)}
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} قال: من الضلالة إلى الهدى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله: {يستحبون} قال: يختارون.
وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: إن الله فضل محمداً صلى الله عليه وسلم على أهل السماء وعلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. قيل: ما فضله على أهل السماء؟ قال: إن الله قال لأهل السماء {ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم} [ الأنبياء: 29] وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} [ الفتح: 2] فكتب له براءة من النار، قيل له: فما فضله على الأنبياء؟ قال: إن الله تعالى يقول {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم {وما أرسلناك إلا كافة للناس} [ سبأ: 28] فأرسله إلى الانس والجن.
وأخرج أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم يبعث الله نبياً إلا بلغة قومه».
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كان جبريل عليه السلام يوحى إليه بالعربية، وينزل هو إلى كل نبي بلسان قومه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} قال: بلغة قومه، إن كان عربياً فعربياً، وإن كان عجمياً فعجمياً، وإن كان سريانياً فسريانياً، ليبين لهم الذي أرسل الله إليهم، ليتخذ بذلك الحجة عليهم.
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص، عن ابن عمر- رضي الله عنهما- {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} قال: أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم بلسان قومه عربي.
وأخرج ابن مردويه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه {إلا بلسان قومه} قال: نزل القرآن بلسان قريش.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال: نزل القرآن بلسان قريش.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سفيان الثوري رضي الله عنه قال: لم ينزل وحي إلا بالعربية، ثم يترجم كل نبي لقومه بلسانهم. قال: ولسان يوم القيامة السريانية، ومن دخل الجنة تكلم بالعربية.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عمر رضي الله عنه قال: لا تأكلوا ذبيحة المجوس ولا ذبيحة نصارى العرب، أترونهم أهل الكتاب؟ فإنهم ليسوا بأهل كتاب. قال الله تعالى {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} وإنما أرسل عيسى عليه السلام بلسان قومه، وأرسل محمد صلى الله عليه وسلم بلسان قومه عربي، فلا لسان عيسى عليه السلام أخذوا، ولا ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم اتبعوا، فلا تأكلوا ذبائحهم، فإنهم ليسوا بأهل كتاب.


{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد وعطاء وعبيد بن عمير في قوله: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا} قال: بالبينات التسع: الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والعصا ويده والسنين ونقص من الثمرات.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور} قال: من الضلالة إلى الهدى.
وأخرج النسائي وعبدالله بن أحمد في زوائد المسند، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان، عن أبي بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وذكرهم بأيام الله} قال: «بنعم الله وآلائه».
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- {وذكرهم بأيام الله} قال: نعم الله.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه قال: لما نزلت {وذكرهم بأيام الله} قال: وعظهم.
وأخرج ابن مردويه من طريق عبدالله بن سلمة، عن علي أو الزبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فيذكرنا بأيام الله حتى نعرف ذلك في وجهه، كأنما يذكر قوماً يصبحهم الأمر غدوة أو عشية، وكان إذا كان حديث عهد بجبريل عليه السلام، لم يتبسم ضاحكاً حتى يرتفع عنه.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وذكرهم بأيام الله} قال: بالنعم التي أنعم بها عليهم، أنجاهم من آل فرعون، وفلق لهم البحر، وظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع رضي الله عنه في قوله: {وذكرهم بأيام الله} قال: بوقائع الله في القرون الأولى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال: نعم العبد عبد إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {لكل صبار شكور} قال: وجدنا أصبرهم أشكرهم، وأشكرهم أصبرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق أبي ظبيان، عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: الصبر نصف الإِيمان، واليقين الإِيمان كله. قال: فذكرت هذا الحديث للعلاء بن يزيد رضي الله عنه فقال: أو ليس هذا في القرآن {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} {إن في ذلك لآيات للموقنين}.


{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)}
أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع رضي الله عنه في قوله: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم} قال: أخبرهم موسى عليه السلام عن ربه عز وجل، أنهم إن شكروا النعمة، زادهم من فضله وأوسع لهم في الرزق، وأظهرهم على العالمين.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وإن تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم} قال: حق على الله أن يعطي من سأله ويزيد من شكره، والله منعم يحب الشاكرين، فاشكروا لله نَعَمَهُ.
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {لئن شكرتم لأزيدنكم} قال: من طاعتي.
وأخرج ابن المبارك وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان، عن علي بن صالح رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن سفيان الثوري رضي الله عنه في قوله: {لئن شكرتم لأزيدنكم} قال: لا تذهب أنفسكم إلى الدنيا، فإنها أهون على الله من ذلك. ولكن، يقول {لئن شكرتم} هذه النعمة إنها مني {لأزيدنكم} من طاعتي.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإِيمان، عن أبي زهير يحيى بن عطارد بن مصعب، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أعطي أحد أربعة فمنع أربعة، ما أعطي أحد الشكر فمنع الزيادة، لأن الله تعالى يقول {لئن شكرتم لأزيدنكم} وما أعطي أحد الدعاء فمنع الإِجابة، لأن الله يقول {ادعوني أستجب لكم} [ غافر: 29] وما أعطي أحد الاستغفار فمنع المغفرة؛ لأن الله يقول {استغفروا ربكم إنه كان غفاراً} [ نوح: 10] وما أعطي أحد التوبة فمنع التقبل؛ لأن الله يقول {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} [ الشورى: 25]»
وأخرج أحمد والبيهقي، عن أنس رضي الله عنه قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم سائل، فأمر له بتمرة فلم يأخذها، وأتاه آخر، فأمر له بتمرة فقبلها وقال: تمرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال للجارية: اذهبي إلى أم سلمة فأعطيه الأربعين درهماً التي عندها».
وأخرج البيهقي عن أنس- رضي الله عنه-: «أن سائلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه تمرة، فقال الرجل: سبحان الله!... نبي من الأنبياء يتصدق بتمرة؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أما علمت أن فيها مثاقيل ذر كثيرة؟ فأتاه آخر فسأله فأعطاه، فقال: تمرة من نبي، لا تفارقني هذه التمرة ما بقيت، ولا أزال أرجو بركتها أبداً. فأمر له النبي صلى الله عليه وسلم بمعروف، وما لبث الرجل أن استغنى».
وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق مالك بن أنس، عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين قال- لما قال له سفيان الثوري- رضي الله عنه-: لا أقوم حتى تحدثني- قال جعفر- رضي الله عنه-: أما أني أحدثك، وما كثرة الحديث لك بخير يا سفيان، إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها، فأكثر من الحمد والشكر عليها، فإن الله تعالى قال في كتابه {لئن شكرتم لأزيدنكم} وإذا استبطأت الرزق، فأكثر من الاستغفار، فإن الله تعالى قال في كتابه {استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً. يمددكم بأموال وبنين} [ نوح: 10-11-12] يعني في الدنيا والآخرة {ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً} [ نوح: 12] يا سفيان، إذا أحزنك أمر من سلطان أو غيره، فأكثر من لا حول ولا قوّة إلا بالله، فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع من أعطيهن لم يمنع من الله أربعاً: من أعطي الدعاء لم يمنع الاجابة، قال الله: {ادعوني استجب لكم} ومن أعطي الاستغفار لم يمنع المغفرة، قال الله تعالى {استغفروا ربكم إنه كان غفاراً} ومن أعطي الشكر لم يمنع الزيادة، قال الله: {لئن شكرتم لأزيدنكم} ومن أعطي التوبة لم يمنع القبول، قال الله: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات} [ الشورى: 25]».
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أعطي الشكر لم يحرم الزيادة؛ لأن الله تعالى يقول {لئن شكرتم لأزيدنكم} ومن أعطي التوبة لم يحرم القبول؛ لأن الله يقول {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده}».
وأخرج البخاري في تاريخ والضياء المقدسي في المختارة، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أُلْهِمَ خمسة لم يحرم خمسة، من ألهم الدعاء لم يحرم الاجابة؛ لأن الله يقول {ادعوني استجب لكم} ومن ألهم التوبة لم يحرم القبول؛ لأن الله يقول {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} ومن ألهم الشكر لم يحرم الزيادة؛ لأن الله تعالى يقول {لئن شكرتم لأزيدنكم} ومن ألهم الاستغفار لم يحرم المغفرة؛ لأن الله تعالى يقول {استغفروا ربكم إنه كان غفاراً} ومن ألهم النفقة لم يحرم الخلف؛ لأن الله تعالى يقول {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} [ سبأ: 29]».

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7